
لم تخدم قرعة الدور ربع النهائي لمسابقة الدوري الأوروبي نادي نيوكاسل يونايتد مثلما خدمه رفاقه الإنكليز معه في البطولة كتشيلسي وتوتنهام هوتسبير وكلاهما أمام مواجهات متباينة مع روبن كازان الروسي وبازل السويسري حيث اوقعت القرعة «البيانكونيري الإنكليزي» في مواجهة غاية في الصعوبة مع بنفيكا البرتغالي صاحب الباع الطويل أوروبيًا.
نيوكاسل وصل إلى هذا الدور بشق الأنفس حيث احتل المركز الثاني في مجموعته قبل أن يعبر محطة الفريق الأوكراني ميتاليست خاركييف في دور الـ32 بالفوز عليه بهدف نظيف في مجموع المباراتين، ثم كرر نفس السيناريو في مباراة آنجي الروسي بفضل هدف قاتل في الثوان الأخيرة للهداف السنغالي بايبس سيسيه.
بالتأكيد أن نيوكاسل هذا الموسم تراجع بقوة عن الموسم الماضي الذي تفوق خلاله على نفسه وجاء في المركز الخامس على لائحة البريميرليغ متفوقًا على تشيلسي وليفربول، لكنه هذا الموسم يُعاني الأمرين في البطولة الإنكليزية وكان منذ بضع مراحل سابقة في منطقة الخطر ويأمل حاليًا في الدخول للمنطقة الدافئة.
لكن الانتدابات ذات الصبغة الفرنسية التي أبرمها المدرب آلان باردو في ميركاتو الشتاء الأخير أعادت للفريق رونقه بعض الشيء وبدأ يُحقق النتائج الإيجابية الفترة الأخيرة، معتمدًا في الوقت نفسه على أسلحته الأساسية وعلى رأسها الهداف السنغالي بايبس سيسي صاحب الفضل في وصول الفريق لربع نهائي البطولة بفضل هدفه القاتل في شباك آنجي الروسي.
نيوكاسل تعرض لضربة موجعة بعدما تأكد غياب نجم وسطه حاتم بن عرفة عن الملاعب حتى نهاية الموسم بسبب إصابة في أوتار الركبة، حيث يُمثل اللاعب عنصرًا هامًا من تشكيلة آلان باردو، لكن الأخير مازال يمتلك الأسلحة القادرة على المضي قدمًا في البطولة وتعطيه الأحقية في التفكير باللقب.
أهم هذه الأسلحة تكمن في ماكينة الأهداف بايبس سيسي صاحب الأهداف العشرة هذا الموسم، كما الأوراق الرابحة في وسط الملعب وبالأخص الأنيق الفرنسي يوهان كاباي الذي سجل 6 أهداف وقدرته على ربط الوسط للهجوم وقدرته على ضبط إيقاع الفريق وبجانبه شيخ تيوتي مسمار الوسط صاحب الأدوار الدفاعية الكبيرة والذي يقوم عليه الفريق، والفرنسي موسى سوسوكو القادم في يناير المقبل والذي يمتلك هو الأخر قدرة على دعم الأطراف وقوة التسديدات.
هذا بجانب ثبات مستوى قلبي الدفاع بقيادة ستيفن تايلور لدرجة دفعت زميله في الدفاع الفرنسي يانغ مابو يؤكد أنه يستحق التواجد في تشكيلة المنتخب الإنكليزي بعد الأداء البطولي الذي قدمه أمام آنجي الروسي وقدرته على الحد من فاعلية الهداف الكاميروني صامويل إيتو.
تبقى أبرز نقاط ضعف «جيوش المدينة» في مركز حراسة المرمى فإصابة الحارس الهولندي تيم كرول وضع الفريق في أزمة حقيقية، في ظل المستويات المتذبذبة التي يُقدمها سواءً الحارس روب إيلوت أو الحارس البديل هاربر، وعدم وجود بديل على نفس المستوى للمهاجم بايبس سيسي بعد رحيل ديمبا با لتشيلسي وهو ما جعل باردو يُغير طريقة لعبه ليعتمد على سيسي كمهاجم وحيد.
أما نقطة الضعف الثانية فتكمن في ضعف النواحي الدفاعية للظهيرين سانتون وهيدرا، الظهيرين يمتازن في النواحي الدفاعية، لكنهم يُعانون على صعيد النواحي الدفاعية، وهو ما يؤثـر بالسلب على الفريق، هذا بجانب أنه وعلى الرغم من تألق ستيفن تايلور في المباراة الأخيرة أمام آنجي لكن الانسجام مازال لم يكتمل بينه وبين مابو.
على النقيض تمامًا من نيوكاسل يأتي بنفيكا الذي يعيش موسمًا رائعًا على كافة البطولات فبعد أن تحـول للدوري الأوروبي من دوري أبطال أوروبا عقب احتلاله المركز الثالث في مجموعته خلف برشلونة وسيلتك، ضرب بقوة في المسابقة محققًا الفوز في المباريات الأربعة التي خاضها في البطولة مقدمًا عروضًا رائعة.
حيث تخطى فريق باير ليفركوزن الألماني في دور الـ32 حين فاز عليه في مباراة الذهاب في ألمانيا بهدف نظيف، وكرر نفس الفوز بهدفين مقابل هدفى في مباراة العودة، ثم واجه بوردو الفرنسي الذي تصدر على حساب نيوكاسل المجموعة، ففاز عليه بهدف دون رد في البرتغال، ثم فاز في فرنسا بثلاثة أهداف مقابل هدفين.
النتائج الرائعة للفريق في البطولة تأتي استمرارًا لنتائجه في الدوري البرتغالي الذي يعتلي صدارته ويلاحقه عليها غريمه اللدود بورتو، حيث لم يعرف بنفيكا حتى الآن طعم الهزيمة في البطولة والأمر نفسه بالنسبة لبورتو.
ويمتلك بنفيكا مجموعة رائعة من اللاعبين ويمتاز الفريق بالتكامل والترابط والنضج والهدوء، حيث يعول مدربه جورجي خسيوس على هدافه الباراغوياني أوسكـار كاردوزو الذي سجل ثلاثة أهداف في أربعة مباريات مع فريقه في المسابقة و23 هدفًا في مجمل الموسم، وهو ما جعله هدفًا ليوفنتوس الإيطالي، بجانب المهاجم الأخر ليما الذي سجل 13 هدفًا، ما يجعل هجوم «النسور البرتغالية» هو الأخطر على نيوكاسل يونايتد.
أما في خط الوسط فيمتلك خسيوس كوكبة من اللاعبين أصحاب المهارات وجميعهم قادرون على صناعة الفارق في أي مباراة، وعلى رأسهم نيكولاس جايتن المراقب من جانب مانشستر سيتي الإنكليزي والذي يمتلك القدرة على إرسال تمريرات دقيقة في عمق الدفاع، ونيمانيا ماتيتش، ولا ننسى الفنان الأرجنتيني إيمار والذي يمتلك الخبرات الكافية للتعامل مع الأدوار النهائية على الرغم أنه لا يُشارك عادة بشكل أساسي في المباريات، لكن خبرته قد تصنع الفارق في أي وقت يحتاج إليها المدرب، لذلك فمن المتوقع أن تكون معركة الوسط حامية الوطيس في المواجهة.
الانسجام الكبير في تشكيلة بنفيكا هو عنصر هام أيضًا، والفريق يمتاز بقدرته على صناعة عدد كبير من الفـرص، ويمتلك المدرب عناصر قادرة على اللعب في أكثر من دور، بجانب أن الفريق قادر على السيطرة على الكرة واللعب تحت ضغط خارج أرضية ميدانه. كل المقاييس تُرجح كفة بنفيكا نظرًا لنتائج الفريقين هذا الموسم، ونظرًا لرغبة النادي الجامحة في استعادة مجده الأوروبي خصوصًا في احتفاله بمرور 109 عامًا على تأسيسه، لكن هذا لا يمنع أن نيوكاسل يونايتد قادر على الإطاحة به ومواصلة مسيرته في البطولة لتعويض إخفاقه على مستوى البطولة الإنكليزية.