لا تفتأ الآيات القرآنية الكريمة تذكر المسلمين وهم يؤدون فريضة الحج بأن الغاية الأسمى من الفريضة هي تقوى الله ، وذكره سبحانه في السر والعلن ، في السراء والضراء ، وفي كل موضع ، وعلى كل حال ، ومن ذلك قوله سبحانه : «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ» ، وقوله في الهدي الذي يسوقه الحجيج: «لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا ولَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ» ، وقوله جل في علاه : «وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُون».. وكل هذه الآيات البينات هدفها أن تربط الحاج بخالقه على الدوام ، وأن تحول بينه وبين وسوسة شياطين الإنس والجن الذين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ، ويحاولون إثارة الشبهات حول بعض مناسك الحج ، ولماذا نفعل هذا ولا نفعل ذاك ، فيقطع القرآن الكريم طريق الجدل الفارغ عليهم ، ويرد شبهاتهم إلى نحورهم ، ويرتفع بأولئك الذي يؤدون مناسكهم إلى أعلى أعليين ، ليدركوا أنهم إنما يفعلون ما يفعلونه امتثالا لربهم ، وتعظيما لخالقهم ، وتأسيا بنبيهم المصطفى – صلى الله عليه وسلم – الذي هنا في البيت الحرام طاف ، وهنا سعى ، وهنا إلى عرفات صعد ووقف ولبى ، وهنا إلى مزدلفة نزل ، وهنا في منى قضى ليالي ورمى الجمرات ، وهنا ذبح الهدي .
التقوى – إذن – هي الأساس وهي الجوهر ، وكل الوسائل والسبل تؤدي تؤدي إلى طريق واحد ، طريق الله الذي من سلكه استنار واهتدى ، ومن تنكبه ضل وسقط في بحور الظلمات .
اللهم تقبل منا ومن جميع المسلمين ، واهدنا للخير ، فإنه لا يهدي للخير إلا أنت .
وكل عام وأنتم بخير .