لا تزال الصورة غير واضحة بشأن فرص وإمكانات التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، خلال دور الانعقاد المقبل ، فالتهديدات النيابية بتوجيه استجوابات شملت معظم أعضاء الحكومة ، وطالت سمو رئيس الوزراء نفسه ، فيما دعا بعض النواب أيضا إلى إجراء تعديل وزاري ، يسهم – طبقا لتقديرهم – في تخفيف حدة الاحتقان السياسي ، وإزالة أسباب الصدام المرتقب بين المجلس والحكومة ، فيما دلت بعض التسريبات من مصادر حكومية على أنه ليس لدى الحكومة توجه لإجراء مثل هذل التعديل .
سيصبح خطيرا بكل تأكيد أن نصل إلى مرحلة الصدام التي يتخوف الكثيرون منها ، ويخشون أن تعود من جديد لغة التصعيد الزائد عن الحد ، لتحكم علاقة السلطتين . لا أحد بإمكانه المصادرة على حق النواب في ممارسة حقوقهم الدستورية ، بشرط أن يتم ذلك من خلال لغة رزينة ومعتدلة ، تحتكم للعقل وللمصلحة العليا للوطن ، وتبتعد عن الأجندات الشخصية والحزبية ، وتنظر للاستجواب ، كما ينظر إليه في كل برلمانات العالم ، باعتباره أداة رقابية ، ضمن أدوات دستورية عدة – يملكها النائب ، ويفترض أن يحسن استخدامها ، وينأى بها عن أن تكون وسيلة لاصطناع أزمة ، أو لتخريب العلاقة بين المجلس والحكومة .
كما أننا لا يمكن أن نعفي الحكومة من المسؤولية عن الوضع الحالي ، فقد كان الطريق أمامها – ولا يزال – مفتوحا ، لكي تقدم من الأداء ما يقنع الشعب والبرلمان بأنها جاءت فعلا للإصلاح السياسي والاقتصادي ، وأنها قادرة على فعل ذلك عبر قرارات وإجراءات جادة تنقلنا من مرحلة التنظير إلى مرحلة الفعل الذي نرى آثاره على أرض الواقع.