النطق السامي الذي افتتح به سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد دور الانعقاد العادي الثاني لمجلس الأمة ، لم يكن فقط تدشينا لدور برلماني جديد ، وإنما كان أيضا تدشينا لمرحلة جديدة في حياة الكويت والكويتيين ، وهي «مرحلة فاصلة ، ونقلة نوعية كبرى ، هدفها الإصلاح الشامل واستكمال البناء والتنمية والتطوير في كافة مناحي الحياة» ، كما وصفها النطق السامي بحق ، وسيتحتم خلالها بالفعل «إعادة النظر في تشريعات وسياسات ومفاهيم وممارسات تجاوزها الوقت والظروف ، ولم تعد صالحة لحاضرنا ومستقبلنا» ، وهو ما يكاد موضع اتفاق الجميع ، فقد مرت سنوات طويلة وبلادنا تبدو كأنها تعمل بنظام «التجزئة» .. صحيح أن هناك عملا وإنتاجا وإنجازات لا يمكن إنكارها ، وصحيح أيضا أن الوفرة المالية التي أتاحها ارتفاع أسعار النفط ، مكنتنا من توفير قدر طيب من الازدهار المعيشي للمواطنين ، لكن ذلك ليس كافيا في عصر لا يعترف إلا بالعمل القائم على تخطيط دقيق ورؤية شاملة وإستراتيجية تأخذ في حسبانها أنها تخطط لعشرات السنين ، وليس كل همها هو تدبير سبل المعيشة للجيل الحالي وحده ، بل تنظر إلى ما هو أبعد من ذلك بكثير ، وتنشغل بمستقبل ومصير أجيال كثيرة قادمة ، لا بد أن تتسلم بلدا منتجا وقادرا على أن يعتمد على سواعد أبنائه ، وموارده الأساسية ، متجاوزا ل «نقطة الضعف» الرئيسية في الاقتصاد الكويتي – والاقتصادات الخليجية عموما – وهي الاعتماد شبه الكامل على النفط ، كمصدر للدخل .
لقد كانت الكلمة السامية «إشارة للبدء» بتحول إصلاحي جذري ، لا بد أن يشارك فيه الجميع ، ليجني ثماره الجميع أيضا .