«وكالات» : خلال لقائه نظيره التركي رجب طيب أردوغان، الذي يزور العراق لأول مرة منذ 13 عاماً، شدد الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، على أهمية تخفيف حدة التوترات في المنطقة، ووقف التصعيد المستمر واعتماد التفاهمات والحوار البناء.
وأكد الجانبان أيضاً خلال لقاء في بغداد، أمس الاثنين، «أهمية تكثيف الجهود لتدعيم أمن الحدود، ومواجهة تحديات التغيرات المناخية والبيئية وأزمة المياه والاستفادة من الخبرات والتجارب التركية في هذا المجال»، وفق ما أفادت الرئاسة العراقية في بيان.
من جانبه شدد رشيد على «أهمية العمل والتنسيق المشترك لمكافحة الإرهاب وضمان الأمن المشترك للبلدين والمنطقة»، لافتاً إلى أن العراق يرفض أن تكون أراضيه «منطلقاً للاعتداء أو تهديد دول الجوار، كما يرفض أي اعتداء أو انتهاك تتعرض له مدنه»، مؤكداً على «وجوب احترام سيادة العراق وأمنه القومي».
كذلك عبّر عن تطلع بلاده إلى علاقات «متميزة مع الجارة تركيا على مختلف الصعد»، مضيفاً أن بلاده «تحرص على إقامة علاقات متوازنة مع الدول الشقيقة والصديقة تخدم المصالح المتبادلة في المجالات التاريخية والاقتصادية والتجارية والثقافية».
كما تطرق رشيد إلى «ملف المياه والأزمة التي يعاني منها العراق جراء انخفاض التدفقات المائية عبر نهري دجلة والفرات وأثرها على مجمل الفعاليات الحياتية». حيث أكد «ضرورة معالجة الملف وضمان حصة عادلة للعراق لسد احتياجاته، والاستفادة من الخبرات في إدارة الملف وبناء السدود، والتنسيق والتشاور بشأن المشاريع والمنشآت التي تقام على نهري دجلة والفرات».
بدوره، قال الرئيس التركي أن البند الأهم في المحادثات مع العراق هو مكافحة الإرهاب، مؤكداً استعداد أنقرة لدعم بغداد في الحرب ضد الإرهاب.
كما قال «أتطلع إلى تعزيز التبادل التجاري والتعاون في مجالات الطاقة والصحة والسياحة مع العراق».
وكان أردوغان وصل إلى بغداد بوقت سابق أمس، في أول زيارة رسمية له منذ أكثر من عقد، حيث سيوقع سلسلة اتفاقيات ومذكرات تفاهم ويجري مباحثات حول قضايا عدة أبرزها تقاسم الحصص المائية والصادرات النفطية والأمن الإقليمي.
وإضافة لزيارته بغداد، سيزور الرئيس التركي أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي منذ عام 1991.
بدوره أعرب السفير العراقي في أنقرة، ماجد اللجماوي، عن أمله في «إحراز تقدم في ملفي المياه والطاقة، وكذلك عملية استئناف تصدير النفط العراقي عبر تركيا»، حسب بيان لوزارة الخارجية العراقية.
وتوقع اللحماوي توقيع «اتفاقية إطار استراتيجي» بين بغداد وأنقرة في «مجالات أمنية واقتصادية وتنموية»، معتبراً أن زيارة أردوغان ستحقق «قفزة نوعية شاملة في علاقات التعاون بين العراق وتركيا».
كما توقع أن يتضمن جدول الأعمال مشروع «طريق التنمية» للطرق والسكك الحديد، ومن شأنه أن يربط بحلول عام 2030، دول الخليج بتركيا عبر العراق، عبر شبكة بطول 1200 كيلومتر.
ويمثل المشروع شراكة من شأنها تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وكان العراق خلال الربع الأول من السنة الحالية، خامس مستورد للمنتجات التركية من الحبوب والمواد الغذائية والمواد الكيمياوية والمعادن وغيرها.
من جانبه كشف وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في مؤتمر صحافي، الأحد، أن الزيارة ستشهد توقيع أكثر من 20 اتفاقية «في مجالات الطاقة والزراعة والمياه والصحة والتعليم، وعلى وجه الخصوص، الأمن».
ومن ضمن هذه المبادرات «اتفاق استراتيجي حول ملف المياه»، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء العراقية «واع» عن المتحدث باسم الحكومة باسم العوادي.
وفي تصريحات قبيل الزيارة، قال السوداني إن «العراق وتركيا لديهما تاريخ ونقاط مشتركة ومصالح وفرص، وأيضاً أمامهما مشاكل: المياه والأمن سيكونان في مقدمة هذه المواضيع المطروحة» على جدول أعمال الزيارة.
كما أضاف خلال ندوة في مركز «المجلس الأطلسي» للأبحاث (Atlantic Council) على هامش زيارته الأخيرة للولايات المتحدة: «نتناولها كلها حسبة واحدة. لن نذهب في محور معين ونترك الآخر. ولأول مرة نجد أن هناك رغبة حقيقية من كلا البلدين للذهاب إلى الحلول».
يذكر أن أردوغان كان زار العراق للمرة الأخيرة عام 2011 حين كان رئيساً للوزراء. وحض يومها السلطات العراقية على التعاون مع أنقرة في مواجهة عناصر حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا وحلفاؤها الغربيون «إرهابياً».
أما في ما يتعلق بالموارد المائية، لطالما انتقد العراق إقدام جارته الشمالية على بناء سدود تسببت بانخفاض كبير في منسوب مياه دجلة والفرات اللذين ينبعان من أراضي تركيا، قبل أن يعبرا العراق من أقصاه إلى أقصاه.
وفي حين تدعو الحكومة العراقية لتقاسم أفضل للمياه، تبدي تركيا دائماً امتعاضها إزاء إدارة الموارد المائية من السلطات ومن قطاع الزراعة والري في العراق.
وكان أردوغان قد أشار في منتصف أبريل إلى أن «مسألة المياه» ستكون «إحدى أهم النقاط» التي ستبحث خلال الزيارة (الحالية) في ظل «الطلبات» التي قدمتها بغداد بهذا الشأن، مؤكداً أن تركيا «ستبذل جهداً لحلها».
كذلك يختلف البلدان بشأن صادرات النفط من إقليم كردستان التي كانت تمر عبر تركيا من دون موافقة الحكومة المركزية في بغداد. وتوقفت هذه الصادرات منذ أكثر من عام بسبب خلافات قضائية ومشاكل فنية.
ويكبّد هذا التوقف العراق إيرادات من موارده النفطية تتخطى 14 مليار دولار، وفقاً لرابطة شركات النفط الدولية العاملة في إقليم كردستان (أبيكور).
أما فيما يخص مسألة حزب العمال الكردستاني، فتجدر الإشارة إلى أنه على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، أقامت تركيا عشرات القواعد العسكرية في كردستان العراق لمحاربة الحزب الذي يقيم أيضاً قواعد خلفية في هذه المنطقة.
ويعلن الجيش التركي بشكل متكرر تنفيذ عمليات عسكرية جوية وبرية ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني ومواقعهم في شمال العراق. ودفع ذلك الحكومة العراقية المركزية إلى الاحتجاج مراراً.
ورداً على سؤال حول إمكان التعاون مع تركيا في هذه المسألة، استبعد وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي في لقاء مع قناتي «العربية» و»الحدث» في مارس القيام «بعمليات مشتركة». لكنه قال إن أنقرة وبغداد ستعملان على إنشاء «مركز تنسيق استخباراتي مشترك».