أخطر ما يمكن أن نفعله في هذه الأيام التي تمر فيها المنطقة بمخاطر وتحديات كبيرة وجسيمة، هو أن ندخل في معارك جانبية، لا فائز فيها ولا مهزوم، بل الجميع فيها خاسرون، والخاسر الأكبر فيها هو الوطن بكل أسف .
أحدث تلك المعارك هو ما عرف إعلاميا باسم «تقنين» الأسئلة البرلمانية الموجهة إلى الوزراء، بدعوى أن ذلك «مطلب حكومي» .. وقد أحسن رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم صنعا عندما رد على هذا الموضوع، خلال مؤتمره الصحافي أمس، والذي فند فيه تلك المزاعم، وأوضح أنه ليس من حق الرئيس او مكتب المجلس الحد من اسئلة النواب، وأن ما يعنيه في المقام الأول هو أن يخرج السؤال من المجلس لائحيا، وذلك لضمان عدم احتجاج الوزير الموجه إليه السؤال، بذريعة أنه مخالف للدستور ولائحة المجلس .
لا نريد لمجلسنا الحالي الذي علق عليه الشعب آمالا كبيرة أن يعاود انتهاج الأساليب السيئة التي رأيناها في مجالس سابقة، والتي أضاعت وقت البلاد والعباد في قضايا ثانوية وهامشية، وأدخلتنا في سلسلة لا تنتهي من الأزمات السياسية، وتسببت مرارا في إنهاء عمر السلطتين، قبل اكتمال المدة الدستورية لهما.. وفي اعتقادنا أن إيضاحات الرئيس الغانم بشأن مسألة «التقنين» تلك، كافية لنطوي صفحة هذا الجدل، وننتقل إلى المربع التالي والأهم، مربع العمل الحقيقي والإنجاز الفعلي، بعيدا تماما عن الانغماس البائس والتعيس في معارك جدلية «هزلية» لا محصلة لها ولا ناتج من ورائها إلا «وجع القلب»، قلب المواطن، وقلب الوطن !