قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي لسنا بصدد عرض أو نقد ما ناقشه مجلس الوزراء الكويتي، الأسبوع قبل الفائت، من أرقام حول ملامح مشروع الموازنة العامة، للسنة المالية القادمة 2014/2015، لأنه سوف ينشر بتفاصيل أرقامه، لاحقاً، وسنعرض له، كما اعتدنا. ولكننا بصدد نقاش بعض المفاهيم البالية واستخلاص بعض المؤشرات التي لا تلائم ما أثارته الحكومة من قلق حول أوضاع المالية العامة، بما يوحي بأنه، لسنة قادمة، على الأقل، سوف يبقي أي علاج، مؤجلاً.
وأضاف فالفرضيات، التي اعتمدت لتقدير جانب الإيرادات في الموازنة، افتراضات لا يمكن الدفاع عنها، وأولى مؤشرات الوعي هي بعض الاحتراف في تقدير تلك الفرضيات، ونقصد فرضيات تقدير سعر برميل النفط ومستوى الإنتاج وما يُقتطع بقرار لصالح الأجيال القادمة، ويغيب، في هذه المرحلة، سعر صرف الدولار الأمريكي، مقابل الدينار الكويتي، ورقم تكلفة إنتاج البرميل، وهما محسوبان ضمناً. فتقدير سعر برميل النفط هو 75 دولاراً أمريكياً أو زائداً 5 دولارات أمريكية عن تقديرات الموازنة الحالية، والسعران -الحالي والجديد- من دون أي دعم برأي حول ما إذا كان ذلك هو السعر المتوقع، والواقع أن سعر برميل النفط الفعلي لـ 10 شهور، من موازنة السنة المالية الحالية، ظل أعلى من المقدر بنحو 48 في المئة ، وهو هامش اختلاف واسع وغير مقبول.
وأشار التقرير الأساس الذي اعتمد لتقدير متحفظ لسعر برميل النفط في مشروعات الموازنة، هو الأساس نفسه الذي اعتمد قبل أكثر من ثلاثين سنة، وهو أساس سياسي غرضه عدم تشجيع دول أخرى على المطالبة بمساعدات، لو أظهر مشروع الموازنة فائضاً، والعالم كله تغير من يومها، ما عدا عقلية إعداد الموازنة العامة. ومثله من ناحية التأثير الرقمـي، رقـم الإنتـاج، فالفرضيـة في الموازنة العامة هي إنتاج 2.7 مليون برميل يومياً، والكويت، وفقاً لتصريح وزير النفط السابق، تنتج، حالياً، نحو 3.2 ملايين برميل نفط، يومياً، بينما حصتها في أوبك 2.2 مليون برميل، يومياً. ولم يتعرض، ما نشر حول مشروع الموازنة، إلى مبررات اختيار رقم وسط، ولا إلى ما هو متاح للتصدير منه، ولا ما يخصم من تكلفة إنتاج، لذلك يفتقد الرقم أية أهمية، إذ لم يبذل جهد حقيقي لخفض فارق التقدير عن الواقع المحتمل.
وقال من زاوية أخرى، لا معنى يذكر لخصم 25 في المئة لصالح الأجيال القادمة، فالنرويج، على سبيل المثال، عندما تقدر رقماً صغيراً من الإيرادات النفطية لتمويل الموازنة «4 في المئة »، تظل حكومتها مجبرة على تمويل 96 في المئة من مصروفات الموازنة، من الضريبة المحصلة على نشاط اقتصادي حقيقي آخر. أما في الكويت، فهي مجرد مزحة، حيث تقتطع الحكومة النسبة وتضيفها إلى احتياطي الأجيال القادمة، ثم تمول العجز بالاقتراض من الاحتياطي العام بضمان احتياطي الأجيال القادمة. ولن تظهر أية عيوب لتلك الأخطاء في زمن الرخاء، ففي النهاية، ورغم إبراز عجز في مشروع الموازنة بحدود 1616 مليون دينار كويتي، قبل الاقتطاع من الإيرادات لصالح الأجيال القادمة، يرتفع العجز إلى 6633 مليون دينار كويتي، بعد الاقتطاع، سوف يعكس الحساب الختامي فائضاً ما دامت أسعار النفط حول الـ 100 دولار أمريكي للبرميل. إضافة إلى ما تقدم، ورغم التحذيرات الحكومية من وضع المالية العامة، زادت اعتمادات مصروفات الموازنة بنحو 3.2 في المئة عن مستواها للسنة المالية الحالية. وما خسرته الحكومة هو أنها أعدت مشروع موازنة بمستوى احتراف منخفض وفي عصر الرقم والمعلومة، وأنها حتى لا تصدق أن وضع المالية العامة مخيف وغير مستدام، لذلك استمرت في زيادة المصروفات، والرحمة للبلد، أو للسواد الأعظم من مواطنيه، إن تكررت أوضاع عام 1986 أو أوضاع عام 1998.
وبإيجاز شديد، يذكر التقرير الذي عرض على مجلس الوزراء بأن جملة الإيرادات النفطية المتوقعة، لموازنة السنة المالية القادمة 2014/2015، سوف تبلغ نحو 18806 ملايين دينار كويتي «94 في المئة من الإجمالي» تضاف إليها إيرادات غير نفطية بنحو 1263 مليون دينار كويتي «6 في المئة من الإجمالي»، لتبلغ جملة الإيرادات المقدرة نحو 20009 ملايين دينار كويتي. بينما يبلغ اعتماد المصروفات نحو 21865 مليون دينار كويتي، أي بعجز افتراضي بحدود 1616 مليون دينار كويتي، قبل اقتطاع 25 في المئة من الإيرادات لصالح احتياطي الأجيال القادمة، ونكرر، بينما يجوز الاعتداد برقم المصروفات، لا ننصح بالالتفات إلى رقم الإيرادات.