قال التقرير أصدر صندوق النقد الدولي في يناير تقريره عن أحدث توقعاته لأداء الاقتصاد العالمي، ولعل أكثر ما فيه أهمية ارتفاع التقديرات بشأن نمو الاقتصاد العالمي، قياساً بتقديراته السابقة في تقرير أكتوبر 2013، وذلك أول رفع للتوقعات بين هذين التقريرين منذ عام 2011، في إشارة إلى عودة التفاؤل بالانتعاش، بعد التشاؤم الذي ساد إثر استيعاب عمق الأزمة الاقتصادية العالمية ودخول منطقة اليورو مرحلة الركود.
وفي التفاصيل ارتفعت تقديرات صندوق النقد الدولي لنمو الاقتصاد العالمي لعامي 2013 و2014 لنحو 3 في المئة و3.7 في المئة ، على التوالي، مقارنة بتقديرات أكتوبر 2013 البالغة نحو 2.9 في المئة و3.6 في المئة ، على التوالي، لكنها لا تزال أقل من تقديرات يوليو 2013 البالغة نحو 3.1 في المئة و3.8 في المئة ، على التوالي. واستمرت تقديرات النمو للاقتصاد البريطاني بالتحسن، لترتفع لعامي 2013 و2014 بنحو +0.3 و+0.6 نقطة مئوية، على التوالي، ليبلغ النمو المتوقع للعامين، على التوالي، نحو 1.7 في المئة و2.4 في المئة ، كما ارتفعت تقديرات النمو لعامي 2013 و2014 لاقتصاد الولايات المتحدة بنحو +0.3 و+0.2 نقطة مئوية، لتبلغ، على التوالي، نحو 1.9 في المئة و2.8 في المئة ، وهي معدلات نمو تقترب من المعدلات الاعتيادية للاقتصادات المتقدمة، وتمثل تعافياً متماشياً مع نمو عام 2012 لاقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية البالغ نحو 2.8 في المئة . ويظل اقتصاد منطقة اليورو في ركود عام 2013 بانكماش بنحو -0.4 في المئة ، لكن، من المتوقع له التعافي عام 2014 بتحقيق نمو موجب بنحو 1 في المئة .
واشار كانت تقديرات صندوق النقد الدولي للنمو الاقتصادي في الاقتصادات الناشئة متباينة، وتحديداً دول الـ BRICS، أي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، فقد خفّض الصندوق تقديراته لنمو اقتصاد البرازيل لعامي 2013 و2014 بنحو -0.2 نقطة مئوية لكليهما، بينما انخفضت تقديرات النمو لاقتصاد جنوب أفريقيا للعامين بنحو -0.2 و-0.1 نقطة مئوية، على التوالي، وثبتت تقديرات النمو لاقتصاد روسيا لعام 2013 وانخفضت لعام 2014 بنحو -1 نقطة مئوية، وبذلك تبلغ تقديرات النمو للبرازيل وجنوب أفريقيا وروسيا لعام 2014 نحو 2.3 في المئة و2.8 في المئة و2 في المئة ، على التوالي، وهي تقديرات أفضل، قليلاً، من نمو عام 2013 البالغة نحو 2.3 في المئة و1.8 في المئة و1.5 في المئة ، على التوالي، لكنها تبقى أدنى من الاعتيادي لتلك الدول.
أما الاقتصادان العملاقان، الصيني والهندي، فقد تحسنت تقديرات نموهما لعام 2014، لتبلغا نحو 7.5 في المئة و5.4 في المئة ، على التوالي، مقارنة بنمو عام 2013 البالغ نحو 7.7 في المئة و4.4 في المئة ، على التوالي، ورغم انخفاض تقديرات النمو الصيني بين عامي 2013 و2014 إلا أنه انخفاض متوقع، وأعلنت الحكومة الصينية عن استهدافها له، عمداً، كجزء من عملية نقل الاقتصاد الصيني من اقتصاد ناشئ، قائم على التصنيع للتصدير، إلى اقتصاد يعتمد أكثر على الاستهلاك المحلي، أي على قواه الذاتية.
واوضح تبقى أكثر التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي أهمية قرار البنك الفيدرالي «المركزي» الأمريكي في 18 ديسمبر 2013 بشأن برنامجه للتيسير الكمي «برنامج غير تقليدي لشراء الأصول لتحفيز الاقتصاد»، البالغ 85 مليار دولار أمريكي، شهرياً، حيث قرر البنك بدء الخفض التدريجـي للتيسيـر الكمـي، ابتداء من يناير 2014، بقيمة -10 مليارات دولار أمريكي «-11.8 في المئة »، وقرر في 29 يناير 2014 خفضاً، إضافياً، بقيمة -10 مليارات دولار أمريكي «-13.3 في المئة »، وهو ما سيؤثر، ليس فقط على الاقتصاد الأمريكي، بل والعالمي، ومن قنوات التأثير السلبية المحتملة خفض التدفقات المالية الأجنبية للدول، الناشئة والنامية، وخفض أسعار صرف عملاتها، ولكنه يفترض أن يضمن، على المدى المتوسط، نمواً مستقراً غير اصطناعي.