مع تحسن التوقعات الاقتصادية، تظهر الشركات متعددة الجنسيات رغبة في التوسع الدولي في أسواق جديدة. ووفقا لأحدث مسح سنوي أوروبي أجرته شركة الاستشارات العقارية العالمية سي بي آر إيه، فإن 30 في المئة من الشركات التي شملتها الدراسة حددت منطقة الشرق الأوسط كوجهة محتملة للتوسع خلال العامين المقبلين، ارتفاعا من 24 في المئة في عام 2012.
ويجمع المسح، الذي هو الآن في عامه الرابع، آراء صُناع القرار العقاري لشركات عالمية تشغل مقارها مجتمعة حوالي 2.7 مليار قدم مربع «250 مليون متر مربع» في جميع أنحاء العالم.
ويوضح الاستطلاع أن أكثر من نصف الشركات «56 في المئة» حددت ميزة الوصول إلى أسواق وعملاء جدد المحرك الرئيسي لقرار تحديد مواقع التوسع. وتعتبر هذه الشهية الجديدة للتوسع كلا من الهند وأفريقيا الوجهات الأكثر جاذبية. فعند الطلب من المشاركين في المسح تحديد الوجهات التي يهدفون مد عملياتهم إليها، اختار 48 في المئة منهم الهند «ما يعد ضعف رقم في عام 2012 الذي كان 24 في المئة»، بينما انخفضت نسبة جاذبية الصين من 60 بالمئة في 2012 إلى 42 في المئة هذا العام. وهناك أيضا زيادة كبيرة في عدد الشركات التي تعتزم التوسع في أفريقيا، حيث صرح ثلث المستطلعين «34 في المئة» تطلعهم للتوسع في القارة السمراء، مقابل الخُمس في 2012 «21 في المئة». وتتميز كل من الهند وأفريقيا بالنمو السكاني والاقتصادي السريعين، إلى جانب زيادة الشفافية وتحسين البنية التحتية، وإزالة العديد من العقبات التقليدية للدخول.
في هذا الصدد قال نِك ماكلين، العضو المنتدب في سي بي آر إي الشرق الأوسط: «يشهد الشرق الأوسط نموا اقتصاديا وسكانيا قويا ويمثل فرصا استثمارية كبيرة للشركات العالمية. ولا تزال دبي، كونها المركز التجاري والسياحي للمنطقة، نقطة محورية بين قائمة الوجهات المفضلة للشركات العالمية التي تتطلع للتوسع في المنطقة أو السوق الأفريقية المربحة. وقد أثار إعلان فوز دبي باستضافة معرض إكسبو العالمي 2020 فى نوفمبر من العام الماضي المزيد من هذه المشاعر الإيجابية، وعلى مدى السنوات الست المقبلة سنرى نموا وتطويرا قويا للأصول العقارية».
ويظهر الاستطلاع زيادة ثقة الشركات في الانتعاش الاقتصادي، مع تحديد أقل من نصف المستطلعين «46 في المئة » الاقتصادات الضعيفة كمصدر قلق، مقارنة مع 70 في المئة في عام 2012، الذي فيه كانت التوقعات الاقتصادية غير المؤكدة في أوروبا عاملا رئيسيا في وضع الاستراتيجية العقارية، مع كون إدارة التكاليف الهدف الرئيسي.
كما أن التحول في تركيز الشركات على المستقبل أعاد صياغة العمليات العقارية للشركات. فهناك الآن رغبة أكبر لزيادة المواءمة بين الأنشطة العقارية وأهداف العمل الأوسع، مع إشارة 72 في المئة من الشركات التي شملتها الدراسة إلى هذه النقطة باعتبارها مجالا للتحسين. وهو ما يعني أنه بوجود الإدارة الصحيحة، يمكن للعمليات العقارية للشركات أن تصبح محركا للنمو المستقبلي.
وقال مارك كاسكي، رئيس خدمات الشركات العالمية في سي بي آر إي: «مع دخولنا مرة أخرى لمرحلة من الانتعاش الاقتصادي، من الواضح أن شاغري العقارات ينظرون مجددا لما هو أبعد من توفير التكاليف. فرغم أننا نتوقع سيادة اعتماد مواقف توفير التكاليف على المدى القريب، إلا أنه من المشجع رؤية الشركات وهي تسعى لدخول وجهات جديدة واعتماد استراتيجيات متطورة على نحو متزايد لأماكن العمل».
وأضاف: « كان الموضوع الأساسي المتكرر في نتائج دراستنا هو النفوذ المتزايد لاستراتيجيات أماكن العمل والتركيز عليها. فمن الواضح أن الشركات تنبهت إلى أن بيئات العمل المثالية تؤدي إلى تحسين إنتاجية الموظفين وتمكين جذب أفضل المواهب والاحتفاظ بها. علاوة على ذلك، تعد نفقات العمل أكثر تكلفة من نفقات العقارات، وبالتالي فإن تحسين إنتاجية الموظفين سيكون له أثر أكبر على ربحية الشركات. ونحن نتوقع أن يستمر هذا الاتجاه في العام المقبل وما بعده».
من جهته قال ريتشارد هولبيرتون، مدير أبحاث أوروبا والشرق الأوسط في سي بي آر إي: «في حين لا تزال الأهداف المالية حاكمة على المشهد العقاري للشركات، هناك رغبات متزايدة للتطلع نحو المستقبل. وقد أدى ذلك إلى محاذاة أكبر بين الأنشطة العقارية وأهداف الأعمال البعيدة المدى. كما أصبحت فرق العمليات العقارية للشركات أكثر استراتيجية وتركزا على العميل».