عواصم – «وكالات»: دخلت المفاوضات الجارية في جنيف بين الحكومة والمعارضة السورية مرحلة جديدة امس ، إذ بدأ الطرفان ببحث قضية نقل السلطة في البلاد.
ومن المنتظر أيضا أن تستمر المفاوضات بشأن دخول قوافل الإغاثة إلى مدينة حمص المحاصرة.
وكان الوسيط الأممي في الأزمة السورية الأخضر الإبراهيمي قد قال الأحد إنه تم الاتفاق في اليوم الثاني من محادثات جنيف 2 على السماح لقوافل الإغاثة والمساعدات الإنسانية بالدخول إلى حمص وخروج المدنيين من النساء والأطفال منها.
وقال وفد الحكومة السورية إن الحكومة مستعدة أيضا للسماح للرجال الراغبين في المغادرة شريطة حصولها على قائمة بأسمائهم.
غير أن المعارضة تحفظت على هذا الشرط.
وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إن الحكومة السورية ستسمح للنساء والاطفال بمغادرة مدينة حمص على الفور، اذا سمح لهم المسلحون بالمرور مضيفا أن الحكومة ستوفر لهم المأوى والغذاء والدواء.
وقال مقداد «اؤكد لكم انه اذا سمح الارهابيون المسلحون في حمص للنساء والاطفال بمغادرة المدينة القديمةفسنسمح لهم بكل منفذ. ليس ذلك فقط وانما سنمدهم بالمأوى والادوية وكل ما يلزم.»
واضاف «نحن مستعدون للسماح بأي مساعدة انسانية للدخول الى المدينة من خلال الاتفاقات والترتيبات مع الامم المتحدة.»
وأوضح الإبراهيمي في مؤتمر صحفي في جنيف أنه تمت مناقشة موضوع المعتقلين والمختطفين، حيث طالبت المعارضة الحكومة السورية بالإفراج عن المعتقلين في سجونها وخاصة النساء والأطفال.
وأضاف أن الحكومة طالبت المعارضة بالمقابل تسليمها قائمة باسماء المحتجزين والمختطفين لدى الجماعات المسلحة، مضيفا أن المعارضة وافقت على ذلك.
وخلص الإبراهيمي إلى الاجتماع مع كل طرف على حدة في الجلسة المسائية على أن تتم المباحثات بين الطرفين عبره، قبل أن يلتقي الطرفين معا في جلسة صباح الاثنين.
وكانت مصادر المعارضة السورية قالت أنها طالبت في اليوم الثاني من المفاوضات المباشرة في جنيف بإطلاق سراح نحو 2500 من النساء والأطفال تقول إنهم محتجزون في سجون الحكومة.
وقالت المعارضة إنها في الجلسة الصباحية الأحد قدمت قائمة تضم 47 الف محتجز.
وشكا وفد الحكومة السورية من أن المحادثات تتجنب المواضيع الرئيسية وتساءل عن جدواها، بينما قالت المعارضة إن وفد الحكومة يريد «القاء خطب» بدلا من اتخاذ قرارات.
وركز الإبراهيمي في مؤتمره على الوضع الإنساني في حمص، مؤكدا على التوصل إلى اتفاق على دخول مساعدات الإغاثة الإنسانية إليها وأن الجماعات المسلحة قد تعهدت بعدم التعرض لها.
وشدد على أن الحكومة السورية قالت إنه يمكن للنساء والأطفال مغادرة حمص، بينما قال المسلحون إنهم لن يتعرضوا لقوافل الإغاثة.
بيد أن الإبراهيمي قال إن وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية العاملة في سوريا تواجه صعوبات كبيرة في مناطق أخرى.
وخلص الإبراهيمي إلى أن «المفاوضات صعبة للغاية والوضع في سوريا يسير من سيء إلى أسوأ ولذلك سيأخذ المزيد من الوقت حتى يتم اخراج سوريا من المستنقع الذي وقعت فيه».
وأشار مراقبون إلى أن الموافقة على تقديم المعونات الإنسانية لحمص، الواقعة تحت حصارالقوات الحكومية منذ أكثر من عام، سيمثل نجاحا ملموسا للمؤتمر الذي لم يعول عليه الكثير منذ بدئه.
واتهمت المعارضة الحكومة «بالتلكؤ» وقالت إنه لم يتم احراز اي تقدم حتى الآن..
وقال دبلوماسي غربي لـ»سي ان ان» إن النظام مسؤول عن عرقلة وصول المساعدات إلى الأحياء التي تحتاجها بشكل عاجل، وأن كل ما قد يقال خلاف ذلك «غير صحيح.»
وقال المصدر المطلع على سير الجلسات المغلقة، والذي طلب عدم ذكر اسمه: «النظام مسؤول عن منع وصول كافة قوافل المساعدات إلى حمص، لقد حاولت الأمم المتحدة والصليب الأحمر تمرير القوافل ولكن النظام منعها. الوضع في حمص ملحّ للغاية وكل ما يقوله النظام بخلاف ذلك غير صحيح.»
من جهة ثانية، قال مسؤول في الصليب الأحمر الدولي من غير الواضح كيف ستنعكس الوعود التي قُطعت الأحد على حياة السوريين».
وعلى وقع الحديث عن الأزمة في حمص، انطلقت المفاوضات بين الجانبين بالشق السياسي منها الاثنين، وقد علّق الإبراهيمي على انتقادات البعض له قائلا: «البعض ينتقد البطء في مسار الأمور، ولكنني أظن أن البطء هو الطريقة الأفضل لضمان السير السريع.»
وحول انتقال الوفدين المفاوضين إلى غرفتين مستقلتين بعد عدة جلسات عقداها في غرفة واحدة وما إذا كان في ذلك ما يدل على وجود عراقيل تواجهها المفاوضات قال الإبراهيمي للصحفيين الأحد: «قد يكون هذا الأمر مفيدا للغاية» مؤكدا أن اجتماعات الاثنين بدأت بلقاء يجمع الطرفين صباح الاثنين، على أن يصار إلى الفصل بينهما في جلسات بعد الظهر.
أما سبب الفصل فهو رغبة الإبراهيمي بالسماح لكل طرف بالتعبير عن نفسه وفق الطريقة التي يريدها دون إحراج الطرف الآخر.
ولكن محللين ذكروا أن الطرفين في الواقع عالقين في المفاوضات بسبب الضغوطات الدولية، إذ أنهما لا يريدان الظهور بمظهر الطرف المعرقل أمام المجتمع الدولي، وهو أمر لا يمكن أن تتحمله المعارضة التي دعم الغرب وحدتها من أجل الدخول في المفاوضات، وكذلك يصعب على النظام وروسيا تحمله لما قد ينجم عنه من تصعيد حيال نظام الرئيس بشار الأسد.
وكان الإبراهيمي قال في وقت سابق إنه لن يتم نقاش أكثر الأمور الشائكة، وهو احتمال تشكيل حكومة انتقالية، حتى يوم الاثنين على الاقل.
وقال في ساعة متأخرة يوم السبت إن الجانبين سيحاولان أولا الاجتماع بشأن القضايا الانسانية والتبادل المحتمل للسجناء، ووصفها بأنها «أنصاف خطوات».
وقالت بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري بشار الاسد «اعتقد ان هذا يقلل من اهمية المؤتمر والهدف المخصص له».
وتشدد المعارضة على أن النظام يجب أن يلتزم كتابة بـ»وثيقة جنيف 1» التي نصت على عملية انتقالية في سوريا.
لكن المسؤولين السوريين يقولون إن «وضع نهاية للإرهاب وأعمال العنف» يجب أن يكون على رأس الأولويات.
ويشيرون إلى أنه من المبكر جدا مناقشة وضع الرئيس السوري بشار الأسد.
غير ان المقداد كان قد اكد، أن الوفد السوري المشارك في المفاوضات له كامل الصلاحية في اتخاذ القرارات التي يراها مناسبة لصالح الشعب السوري.
وبذكر أن النزاع السوري خلف ما يزيد عن 100 ألف قتيل، منذ بدأ في عام 2001.
كما تسببت أعمال العنف في نزوح ما يزيد عن 9,5 مليون سوري من مناطقهم، وهو ما أثار أزمة إنسانية في سوريا والدول المجاورة.