نظم بنك الكويت الوطني يوم الخميس الماضي ندوته السنوية المخصصة لعملاء مجموعة الخدمات المصرفية للشركات بعنوان «توجهات الأسواق العالمية في العام 2014» في فندق الشيراتون حيث قدم رئيس مجموعة الفروع الخارجية والشركات التابعة في بنك الكويت الوطني جورج ريشاني أمام عدد كبير من مسؤولي الشركات من عملاء البنك الوطني عرضاً حول أخر التطورات في الأسواق العالمية وتوقعات بنك الكويت الوطني حول توجهاتها في العام 2014.
واستهل ريشاني عرضه بشرح التحديات التي تواجه مستقبل الاسواق العالمية في العام 2014 في ظل ما يشهده العالم حالياً من مرحلة حرجة يصعب وضع توقعات بصددها. واعتبر ان التحديات التي تواجه الاسواق العالمية حالياً مختلفة ومتشابكة، في ظل الوقت الاستثنائي والتاريخي الذي نعيش فيه. ثم تنقل بين العناوين الرئيسية التي طبعت أداء الأسواق في العام الماضي مبيناً أن القضايا السياسية والتقلبات التي تعصف بالعديد من الدول هذه السنة قد تشكل عبئاً على الاقتصاد العالمي لفترة من الزمن.
توجهات الأسواق
ولفت ريشاني إلى أنه لا يوجد فرق كبير بين السياسة والاقتصاد اليوم حيث انهما امتزجا بشكل لافت ليصبحا وجهين لعملة واحد، شارحاً طبيعة المرحلة الحرجة التي تشتمل السياسات المالية والنقدية المتبعة خلال الفترة الحالية، مبيناً أن هذه السياسات تحمل تأثيرات ضخمة ليس على الدول المتقدمة فحسب بل على العالم كافة.
ورأى أنه على صناع السياسات اتخاذ العديد من القرارات الجريئة من اجل التخفيف من وطأة تأثيرات الظروف المحيطة بالاقتصاد العالمي، مؤكداً أنه لا يوجد بديل عن القيام بعدد من الاصلاحات الهيكلية طويلة الأجل رغم ما تحمله من صعوبات على المدى القصير، إذ تحتاج هذه الاصلاحات الى قوة وعزم في الارادة السياسية فضلاً عن بعد الرؤية والابتعاد تماماً عن الأنانية السياسية.
كما تحدث ريشاني عن كيفية ترابط الأسواق العالمية في ما بينها بسبب تأثيرات العولمة، مبيناً أن أي أخطاء تحملها السياسات المتبعة في الولايات المتحدة أو الصين أو اليابان مثلاً فإن تأثيرها السلبي لا يقتصر على هذه البلدان فقط، بل سيطال كذلك أوروبا والأسواق الناشئة.
الولايات المتحدة واعتبر ريشاني أن الأوقات العصيبة تستدعي من صنّاع السياسات اعتماد تدابير قاسية، وقد نجحت هذه التدابير في تقديم المساعدة والدعم للاقتصاد العالمي وساهمت في انقاذ النظام المصرفي ككل، كما أنها حالت دون وقوع العالم في الكساد الاقتصادي وتمكنت من تحقيق بعض النمو الاقتصادي بالإضافة إلى تعزيز التوقعات الاقتصادية في الولايات المتحدة على سبيل المثال. وأضاف أن «برنامج التيسير الكمي الذي اعتمدته الولايات المتحدة قد عاقب المدّخرين وكافأ المقترضين. ومن ناحية أخرى، فإن الأصول التي تتضمن نسبة مرتفعة من المخاطر في السوق قد حصلت على دعم لا بأس به من خلال تلك التدابير القاسية، كما نجح المستثمرون في أسواق الأسهم في تحقيق العديد من المكاسب بسبب ارتفاع قيمة الأصول في السوق».
ورأى ريشاني أن الخطر الحقيقي يكمن حاليا في اعتياد صنّاع السياسات والاسواق العالمية على الدعم المالي والنقدي الذي تضخّه السلطات في السوق العالمي، وبالتالي فإن ايقاف العمل بكافة هذه التدابير او حتى الابقاء على القليل منها من شأنه أن يؤدي إلى تداعيات سلبية، وبالتالي سيجد صنّاع السياسات أنفسهم في موقع لا يحسدون عليه.
وبالنسبة إلى مجلس الاحتياط الفيدرالي الأمريكي، قال ريشاني أنه اعتمد سياسات على قدر كبير من التكيّف مع مختلف المتغيرات المحيطة، واصفاً سياساته بأنها استثنائية وغير مسبوقة وبالتالي تفتقر إلى وجود أي سجلات تاريخية سابقة يمكن الرجوع اليها والتعلم منها.
ومن هذا المنطلق، أشار ريشاني إلى أن التحديات التي يواجهها مجلس الاحتياط الفيدرالي حالياً تتمثل في القدرة على الموازنة ما بين السياسات الحالية والاستراتيجيات المستقبلية دون التأثير سلباً في النمو الاقتصادي حديث العهد الذي بدأت تشهده الولايات المتحدة مؤخراً. وشرح طبيعة التحديات التي تواجه مجلس الاحتياط الفدرالي بين ما هو عملي وما هو سياسي بطبيعته، لافتاً إلى أن أهم التحديات تتمثل في خطر فقدان مجلس الاحتياط الفدرالي لاستقلاليته حين ترتفع أسعار الفوائد في السوق، وبالتالي فإن ايقاف العمل بالحوافز المالية والنقدية التي يتم ضخها في السوق يعتمد بقوة على تحديد الوقت المناسب، فضلاً عن القدرة على اجتياز تلك الفترة بنجاح، وهو ليس بالأمر اليسير.