بغداد - «وكالات»: كثف الجيش العراقي قصفه لمدينة الفلوجة خلال الساعات القليلة السابقة استعدادا لهجوم بري لاستعادة السيطرة على المدينة التي يسيطر عليها مسلحون منذ شهر.
واجتاح مقاتلون مناهضون للحكومة أغلبهم سنة الفلوجة في محافظة الانبار الغربية التي يشكل السنة غالبية سكانها يوم اول يناير وسط تدهور الامن في انحاء العراق.
وينفذ رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يتهم كثيرون في الاقلية السنية حكومته التي يقودها الشيعة بالتمييز هجوما يتوقف بين الحين والاخر لاعطاء رجال العشائر المحليين فرصة لاخراج المسلحين بأنفسهم.
لكن مسؤولين امنيين قالوا لرويترز يوم السبت ان قرارا اتخذ بدخول الفلوجة يوم الاحد.
وقال مسؤول امني كبير لرويترز يوم الاحد «صدرت الاوامر ببدء قصف المدينة بالمدفعية والطائرات لاكتشاف القدرات المحتملة للمسلحين داخل الفلوجة ومحاولة العثور على فجوة للنفاذ الى المدينة.»
واضاف «تتمركز قوات ومقاتلون عشائريون في مواقعهم على مسافة 15 دقيقة فقط خارج الفلوجة.»
وقال المسؤول ان المسلحين زرعوا قنابل في الطرق الرئيسية المؤدية للمدينة وان الجيش سيستخدم طرقا بديلة للدخول.
وذكر مسؤولون امنيون في وقت سابق يوم الاحد ان المالكي تلقى اتصالات هاتفية من سفراء العديد من الدول في المنطقة تحثه على عدم اقتحام المدينة.
وقال قائد عسكري كبير «انهينا كل استعداداتنا وننتظر الكلمة النهائية التي يجب ان تأتي من المالكي نفسه.»
وطالب المالكي المجتمع الدولي بتقديم الدعم والاسلحة لقتال القاعدة رغم ان المنتقدين يقولون ان سياساته تجاه الأقلية السنية في العراق هي المسؤولة جزئيا عن إذكاء التمرد الذي بلغ ذروته عامي 2006 و2007.
وطبقا للأمم المتحدة كان العام الماضي هو الاشد دموية منذ عام 2008 وقال مشروع ضحايا حرب العراق الذي ينشر احصاءات عن الضحايا المدنيين في البلاد ان أكثر من ألف شخص قتلوا في يناير كانون الثاني.
وقتل 13 شخصا آخرين في هجمات في العراق يوم الأحد وقالت الشرطة انها عثرت على جثث ثلاثة مزارعين شيعة مصابين بطلقات رصاص في الراس والصدر.
ويتعرض الشيعة غالبا لهجمات من جانب مسلحين سنة بينهم جماعة الدولة الاسلامية في العراق والشام المرتبطة بالقاعد والتي ازدادت قوة خلال العام الماضي وخاصة في محافظة الأنبار التي تتاخم سوريا. ويقول المالكي إن الصراع في سوريا المجاورة هو سبب تصاعد حدة التطرف في العراق.
وأحدث تصاعد قوة الدولة الاسلامية في العراق والشام انقساما بين السنة في الأنبار الذين يشاطر كثير منهم الجماعة كراهيتها للحكومة العراقية التي يقودها الشيعة وإن كانوا يدينون الأساليب العنيفة للجماعة. ويتعاطف آخرون مع هذه الجماعة ويدعمونها أو يخشون التصدي لها.
وأصدرت الحكومة الأسبوع الماضي عفوا يطوي صفحة السوابق الجنائية لمئات من السنة بعد موافقتهم على الوقوف مع الحكومة ضد الدولة الاسلامية في العراق والشام.
وقال مسؤولون انهم لا يتوقعون استمرار معركة الفلوجة أكثر من بضعة ايام إذا واجهوا مقاومة من مسلحي الدولة الاسلامية في العراق والشام فقط الذين يقدر عددهم بنحو 300 رجل.
وقال القائد العسكري «إذا قررت الفصائل المسلحة الأخرى القتال فإن المعركة قد تستمر لأكثر من أسبوعين أو ثلاثة أسابيع.»
الى ذلك تمكنت قوات المالكي مدعومة بقوى أمنية ومسلحين من أبناء العشائر من اقتحام حي الملعب جنوب مدينة الرمادي بعد اشتباكات عنيفة مع مسلحين يسيطرون على ذلك الحي وأحياء أخرى..
وقد سجلت قوات المالكي عملية تقدم بطيء في الأحياء الجنوبية لمدينة الرمادي كبرى مدن محافظة الانبار.
فقد تمكنت تلك القوات من اقتحام حي الملعب جنوبي الرمادي وسط اشتباكات عنيفة ضد مسلحي تنظيم داعش وهي مستمرة في محاولاتها للتقدم.
وتمركزت الدبابات على أطراف الملعب وشارع عشرين وحي الإسكان مع استمرار حملة القصف على تلك الأحياء من أجل تحقيق اختراقات جديدة، في وقت كثفت قوات المالكي من غارات مروحياتها على تلك الاحياء.
وقالت تلك القوات إنها تمكنت من استعادة السيطرة على منطقة البو فراج والطريق السريع والطريق القديم على مشارف الرمادي.
وتلاقي قوات المالكي صعوبة كبيرة في التقدم بسبب قيام مسلحي داعش بزرع حقول ألغام في أحياء مجاورة منها البكر والأرامل والضباط، في حين تحدثت تقارير عن تكبد تلك القوات خسائر كبيرة في الأرواح أثناء تقدمها.
وقال شهود من المدينة، انسانياً، إن قوات المالكي تطوق مستشفى الرمادي وتمنع المدنيين من دخوله فيما سجلت عمليات نزوح واسعة لاهالي الرمادي.
وأعلن ائتلاف متحدون أن نوابه لن يعودوا الى البرلمان إلا إذا تمت مناقشة أزمة الانبار تحت قبة البرلمان.
بينما حذر النائب أحمد المساري، القيادي في «ائتلاف متحدون» الذي يقوده رئيس البرلمان، أسامة النجيفي، من مغبة إقدام القوات الحكومية على اقتحام الفلوجة، التي تقطنها غالبية من السنّة، «وما يمكن أن ينتج عن ذلك من كارثة حقيقية ستؤدي بلا شك إلى اندلاع حرب أهلية لا تبقي ولا تذر.»
وقال المساري في بيان له نقله موقع الائتلاف الإلكتروني: «على الحكومة أن تستبعد الخيار العسكري وأن تجنح للحل السياسي الذي يحقن دماء العراقيين ويصون أمنهم ووحدتهم الوطنية خاصة وأن الاحتقان الطائفي بلغ حدودا تنذر بالخطر ما يستدعي توخي الحكمة والاستماع إلى صوت العقل.»وحض المساري على ضرورة تلبية حقوق المعتصمين في الأنبار وباقي المحافظات ، ودعا الحكومة إلى «الاستفادة من التجارب المريرة» السابقة، وبينها ما وصفها بـ»مجزرة الحويجة» التي قال إنها «تعد من جرائم الحرب.» وطالب بسحب الجيش من الأنبار وترك مهمة تطهير المحافظة إلى أبناء العشائر بالتنسيق مع الشرطة المحلية» محذرا من «تداعيات قد تشمل المحافظات الأخرى وبعدها لن يجدي الندم شيئا» على حد تعبيره.