توقع بنك الكويت الوطني في تقريره حول الآفاق الاقتصادية للكويت أن يحقق الاقتصاد غير النفطي الكويتي نموا بواقع 4.5 في المئة في العامين 2014 و2015، مقارنة مع 4 في المئة النمو المقدر في العام 2013، وذلك على الرغم من أن الناتج المحلي الإجمالي للكويت سينكمش بواقع 0.6 في المئة في العام 2014 نتيجة التراجع المتوقع في الإنتاج النفطي، قبل أن يعاود النمو بواقع 3.1 في المئة في العام 2015. وتوقع بنك الكويت الوطني أن يرتفع معدل التضخم في الكويت من 2.6 في المئة في العام 2013 إلى 3 في المئة في العام 2014 و3.5 في المئة في العام 2015.
ورأى بنك الكويت الوطني أن أسعار النفط المرتفعة، والفوائض المالية والتجارية واحتياطيات الحكومة الضخمة، جميعها تشكل عوامل تساهم في توفير دعم جيد للاقتصاد الكويتي في الأجل القصير. ورغم أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الكويتي سوف يضعف في العام 2014 بسبب تراجع الانتاج النفطي، إلا أن النمو غير النفطي من المتوقع أن يشهد تحسناً طفيفاً الى 4.5 في المئة وذلك نتيجة تحسن تنفيذ المشاريع والنمو القوي في القطاع الاستهلاكي. كما توقع بنك الكويت الوطني تحسنا في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي تمثل حاجة ضرورية لدفع مستويات الاستثمار في القطاع الخاص وتحسين أداء الاقتصاد على المدى الطويل.
وقد بقي القطاع الاستهلاكي المحرك الأساسي للنمو غير النفطي، الا ان هناك دلالات على أن معدل النمو السريع الذي سجله هذا القطاع قد يتباطأ قليلا خلال الفترة المقبلة. فقد تباطأ نمو الائتمان الاستهلاكي عن أعلى مستوى له، رغم أنه يبقى قويا. وقد تراجع نمو التوظيف كما أن أثر الزيادات الحكومية السابقة في الرواتب والأجور قد بدأ ينحسر.
وكان انتاج النفط الكوتي قد ارتفع في منتصف العام 2013 ليصل الى 3.0 مليون برميل يومياً تقريبا،ً مقتربا من طاقته القصوى، بعد تراجع لفترة محدودة في الربع الأول من العام. لكن مع ضعف الطلب العالمي على النفط واستمرار ارتفاع الإمدادات من خارج دول منظمة أوبك، نتوقع أن تقوم المنظمة بخفض ضخم في انتاج الدول الأعضاء «بما فيها الكويت» في النصف الأول من العام 2014. ولذلك، نرى أن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية سينخفض بواقع 4 في المئة في 2014، قبل أن يعود ويرتفع مجددا في العام 2015.
وعلى الرغم من مواصلة القطاع الاستهلاكي أداءه القوي، إلا أن معدل التضخم في أسعار المستهلك بقي منخفضاً خلال العام 2013، وبلغ 2.7 في المئة في المتوسط خلال الأشهر العشرة الأولى من العام، وذلك على الرغم من زيادة الضغوط التضخمية الناجمة عن أسعار الإيجارات والتي قد قابلها انكماش في تضخم أسعار المواد الغذائية. أما معدل التضخم الأساس فقد بلغ 0.7 في المئة سنوياً في أغسطس وهو أقل مستوى له منذ سنوات. ومن المتوقع أن يرتفع التضخم بشكل طفيف في العام 2014 مع ارتفاع ضغوط التضخم الأساس واستقرار تضخم أسعار المواد الغذائية. ولكن من المفترض أن يبقى معدل التضخم في نطاق 3 في المئة الى 4 في المئة خلال العامين المقبلين.
من ناحية ثانية، من المتوقع أن تسجل ميزانية الكويت مجددا فائضاً كبيراً في السنة المالية 2013-2014 يصل إلى ما نسبته 22 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع 25 في المئة في السنة المالية السابقة. ومن المتوقع أن تسجل الايرادات النفطية انخفاضاً على خلفية انخفاض أسعار النفط، بينما قد تسجل المصروفات الإجمالية ارتفاعاً طفيفاً بواقع 4 في المئة. وقد تلجأ الحكومة في المستقبل الى الحد من نمو المصروفات بالوتيرة التي شهدتها خلال العقد الماضي والبالغة 15 في المئة. لكن احتمال هبوط فائض الميزانية في المستقبل يعتبر ضعيفة طالما بقيت أسعار النفط مرتفعة.
ومن المحتمل أن يشهد الفائض الضخم في الحساب الجاري اعتدالاً مشابهاً، وذلك نتيجة ارتفاع كل من الإيرادات النفطية والواردات ، إلا إنه سيبقى أكثر من 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
تحسن نمو الائتمان
لقد انعكس التحسن العام في الاقتصاد على الأوضاع المالية، إذ تسارع نمو الودائع ونمو الائتمان مدفوعاً بكل من انخفاض أسعار الفائدة ومستويات السيولة المرتفعة وقوة القطاع الاستهلاكي وتحسن مستويات الثقة لدى قطاع الأعمال. وقد سجلت الشركات تحسناً في أرباحها، كما حافظ سوق الكويت للأوراق المالية على مكاسبه التي سجلها منذ النصف الأول من العام 2013. ونتوقع استمرار التحسن في الأوضاع المالية خلال 2014 مع الوضع بعين الاعتبار حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية وفي مستويات السيولة المرتبطة باحتمال قيام مجلس الاحتياط الفدرالي بخفض برامج التحفيز المالي في مطلع العام الحالي.
وقد بلغ معدل النمو السنوي لعرض النقد بمفهومه الواسع «M210» في المئة في المتوسط خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2013، مسجلاً ارتفاعاً من 7 في المئة في العام 2012، بما يتوافق والنموعلى صعيد الاقتصاد عموما. لكن عرض النقد بمفهومه الضيق «M1» قد سجل نموا أقوى رغم أنه أكثر تقلباً، وذلك نتيجة انخفاض أسعار الفائدة. وقد شكل ارتفاع ودائع القطاع الخاص دلالة إضافية على تحسن النشاط الاقتصادي، حيث ارتفعت بواقع 10 في المئة على أساس سنوي خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2013، مقارنة مع 6 في المئة خلال العام 2012. وبقيت مستويات السيولة مرتفعة رغم انخفاض ودائع القطاع الحكومي بعد ارتفاعها في العام 2012.
وقد تسارع نمو الائتمان الممنوح إلى القطاع الخاص الى 8 في المئة في أكتوبر من العام 2013، وهو أعلى نمو له منذ أكثر من أربع سنوات، مدعوما بالقروض الممنوحة إلى قطاعي العقاري والنفط. وعلى الرغم من أن ذلك قد يعكس بعض العوامل الاستثنائية، إلا إنه يدعم رؤيتنا بتحسن ثقة الأعمال بشكل عام. وقد تباطأ معدل نمو القروض الممنوحة إلى القطاع الاستهلاكي بشكل طفيف، لكنه يبقى مرتفعا عند 17 في المئة على أساس سنوي.
كما تسارع نمو الموجودات الإجمالية للبنوك التجارية ليبلغ 10 في المئة على أساس سنوي في أكتوبر، وذلك نتيجة قوة النشاط الائتماني. ويمثل الائتمان الممنوح إلى القطاع الخاص الجزء الأكبر من موجودات البنوك التجارية. وفي المقابل، تباطأت وتيرة ارتفاع الموجودات الأجنبية في النصف الأول من العام 2013، والتي تعتبر محركاً أساسياً لتوسع ميزانيات البنوك منذ العام 2011. ما قد يعني أن البنوك قد قامت بتوظيف أموالها الخارجية في الوقت الذي انحسرت فيه الفرص المحلية، لكنها بدأت الآن بالظهور.
من جهته، حافظ بنك الكويت المركزي على سعر الخصم عند 2.0 في المئة منذ أكتوبر من العام 2012، أما السعر الإسنادي للفائدة الودائع- سعر الريبو لأجل أسبوع واحد - فقد بقي عند 1.5 في المئة. وقد انخفض متوسط سعر الفائدة الموزون لدى البنوك التجارية بواقع 20 نقطة أساس الى 4.6 في المئة خلال العام 2013، متأثرا بالخفض في سعر الخصم من قبل بنك الكويت المركزي. في الوقت نفسه، فقد بقي سعر صرف الدينار الكويتي دون تغيير يذكر مقابل الدولار الأميركي في العام 2013، لكنه تراجع بواقع 3 في المئة مقابل اليورو.