شهد أمس تنسيقا على أعلى مستوى بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، من أجل الوقوف على مدى استعداد الأجهزة الحكومية المعنية لمواجهة المستجدات والتداعيات المترتبة على تصاعد الأحداث بشأن الأزمة السورية ، واحتمال قيام الولايات المتحدة وحلفائها بتوجيه ضربة عسكرية إلى سوريا ، ففيما كلف مجلس الوزراء فريقا برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد ، ليتولى استكمال جميع الإجراءات الضرورية بمتابعة تطورات الأحداث والمستجدات ، وتنفيذ الخطط المعتمدة في مواجهة حالات الطوارئ المختلفة ، والتعامل معها واتخاذ كل ما من شأنه حفظ الأمن والاستقرار في البلاد ، وتأمين جميع الخدمات والاحتياجات للمواطنين والمقيمين ، أبلغ سمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم برغبة الحكومة في حضور اجتماع مع لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية ، لعرض التطورات والتداعيات الاخيرة في المنطقة ، واستعداد دولة الكويت لمواجهة كل الاحتمالات الناتجة عن التطورات الاخيرة .
على صعيد الموقف الحكومي فقد عقد مجلس الوزراء اجتماعا استثنائيا عقده صباح أمس في قصر السيف برئاسة سمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء ، أوضح بعده وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبدالله المبارك بأن المجلس تدارس التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة ، في أعقاب تصاعد الأنباء عن عملية عسكرية وشيكة في سوريا ، على خلفية جريمة استخدام أسلحة كيماوية في الغوطة بريف دمشق في الأسبوع الماضي ، راح ضحيتها المئات من المدنيين والأبرياء وهي عمل إجرامي تحرمه المواثيق والقوانين الدولية وينتهك قيم المبادئ والأعراف الإنسانية ، ويهدد بسقوط غيرهم من الضحايا ، ما لم يقم المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الأخلاقية في مواجهة مثل هذه الأعمال الإجرامية ، واتخاذ إجراءات عملية رادعة لمنع تكرارها.
وقال العبد الله إن المجلس استمع إلى عدد من التقارير التي قدمها الوزراء كل حسب اختصاصه ، تناولت الاستعدادات التي قامت بها مختلف الأجهزة المعنية في مجال التدابير الاحترازية ، لمواجهة كافة الاحتمالات على الصعيد الأمني ، وكل ما يتصل بتأمين الخدمات الأساسية الأخرى ، وتوفير جميع الاحتياجات والمواد والسبل الكفيلة بتأمين مقومات الأمن والاستقرار ، وتسهيل سير أعمال وخدمات مصالح المواطنين.
أضاف أن مجلس الوزراء حث المواطنين على ممارسة دورهم المسؤول في تجسيد وحدتهم الوطنية ، والعمل على تقديم العون المطلوب للأجهزة الحكومية ، لتكريس الأمن والاستقرار في البلاد والحفاظ على سلامتهم وتيسير خدماتهم ومصالحهم.
كما أكد مجلس الوزراء وقوف دولة الكويت ومؤازرتها للشعب السوري الشقيق ، في محنته الإنسانية التي يتعرض لها ، داعيا المولى القدير أن ينعم عليه بالأمن والاستقرار وأن يتمتع فيه بالحرية والكرامة والسلام ، متمنيا أن تؤدي الجهود الدولية المبذولة لحقن دماء الأشقاء في سوريا وإنهاء الواقع المأساوي الأليم والمعاناة الإنسانية المريرة التي يعيشونها .
في سياق متصل عقد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ محمد الخالد اجتماعا مع القيادات الامنية اذ اطلع خلاله على الاستعدادات وجاهزية القطاعات الامنية لتنفيذ الخطط وتفعيل الاجراءات الوقائية والاحترازية.
وتناول الاجتماع الذي حضره وكيل الوزارة الفريق غازي العمر وضم وكلاء الوزارة المساعدين التعامل مع خطط الطوارئ ، ورفع كفاءة وجاهزية وسائل وتدابير الحماية المدنية في جميع مرافق الدولة والمناطق والمنشآت الحيوية ، تحت مظلة لجنة الدفاع المدني التي يرأسها الشيخ محمد الخالد.
واعرب الشيخ محمد الخالد عن ارتياحه التام لما لمسه من جاهزية اجهزة الأمن وبالتعاون والتنسيق الوثيق مع كافة اجهزة الدولة المعنية للتعامل مع وسائل وتدابير الحماية المدنية .
على الصعيد النيابي اكد رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم انه تلقي اتصالا هاتفيا من سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك ومن وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد ، مشيرا إلى أنهما طلبا اجتماعا مع لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية ، لعرض التطورات والتداعيات الاخيرة في المنطقة ، واستعداد دولة الكويت لمواجهة كل الاحتمالات الناتجة عن التطورات الاخيرة «.
وقال الغانم انه فور وصول طلب الحكومة بشكل رسمي للمجلس ، سأكلف رئيس او مقرر لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية للتحضير للاجتماع في الاسبوع المقبل ، مشيرا الى ان الدعوة ستكون لجميع النواب ممن يرغبون في الحضور وذكر أن الاجتماع سيعقد علي الاغلب الثلاثاء او الاربعاء المقلين.
وسئل الغانم عن سبب تحديد مستوى الاجتماع في لجنة الشؤون الخارجية ، بدلا من عقد جلسة خاصة ، وما اذا كان ذلك يرجع الي طلب الطرف الحكومي ، ام لصعوبة في توافر العدد النيابي الكافي لعقد لجلسة طارئة ، فأجاب ان «من الصعب ان تكون هناك جلسة طارئة بسبب عدم توافر العدد النيابي الكافي».
من ناحيته أعلن النائب محمد الحويلة انه وقع على طلب عقد الجلسة الخاصة المقدم من النائب رياض العدساني ، داعيا جميع النواب للتوقيع ، لمناقشة الأوضاع الاقليمية المتسارعه في المنطقة واستعدادات الدولة للأمن القومي والغذائي في حالة الطوارئ.
وقال الحويلة في تصريح صحفي ان مناقشة الاوضاع الاقليمية باتت اولوية ضرورية ، لما تشهده المنطقة من نزاعات ، مما يجعل هذه القضية اولوية تستوجب مناقشة كافة الاجراءات الحكومية المتخذة في هذا الصدد.
بدوره طلب النائب ماجد موسي المطيري من الحكومه « الاعلان عن مدى استعداداتها وجهوزيتها لمواجهة الاخطار المحتملة لتداعيات الوضع الاقليمي، في ظل توقعات بتوجيه ضربة عسكرية للنظام السوري خلال الايام القليلة المقبلة «.
وقال موسي في تصريح صحافي ان «خطورة الأوضاع تتطلب استعدادات كبيرة» ، متمنيا «الا تكون خطه الطوارئ علي الورق فقط ، بل يجب ان يكون هناك فريق معني بالخطه لعرضها امام الجميع بكل تفاصيلها».
في السياق نفسه دعا النائب عبدالله التميمي الحكومة الى اعداد خطة طوارئ متكاملة ، لمواجهة الظروف التي تمر بها المنطقة ودق طبول الحرب الامريكية ضد سوريا.
وقال التميمي ان الحكومة مطالبة بمراجعة خططها الاستراتيجية لتوفير احتياجات البلاد من الطاقة الكهربائية والمياة والخدمات الصحية وكميات الادوية ، بالاضافة الى مخزون البلاد من المواد الاساسية والاغذية ، مشدداً على انه يجب أن تكفي هذه المواد وغيرها من الاحتياجات ، لفترة لاتقل عن ستة أشهر الى تسعة كخطط طارئة .
كما أكد النائب الدكتور عبد الرحمن الجيران ان «واجب الحكومة اتخاذ كافة السبل الكفيلة لتحقيق امن واستقرار البلاد ، ولها كل الحق في هذا الشأن ، خاصة ان الكويت ليست بعيدة عن محيط الساحة العربية والدولية».
واضاف ان « ما خرج عن اجتماع مجلس الوزراء يبعث علي الاطمئنان » ، مشيرا الى ان «تماسك الجبهة الداخلية في الكويت لا يبرر قيام اي شي من شأنه اثارة البلبلة».
وقدم النائب عبد الله الطريجي مقترحا بقانون لإنشاء الهيئة العامة لإدارة الأزمات والكوارث ، تكوم مهمتها : رسم السياسة العامة لإدارة الأزمات والكوارث ووضع الاستراتيجيات والخطط اللازمة لتطبيق تلك السياسة ، والإعداد والإشراف على تنفيذ خطة عمل متكاملة تشمل جميع ما يتعلق بإدارة الأزمات والكوارث في المدى القريب والبعيد ، والرقابة على الأنشطة والإجراءات والممارسات المعنية بإدارة الأزمات والكوارث ، وتحديد المشاكل والآثار السلبية الناجمة عن الأزمات والكوارث وكيفية إدارتها بالتنسيقمع أجهزة الدولة المعنية ، ودراسة تلك المشاكل وآثارها واقتراح الحلول المناسبة لها .
